ایکنا

IQNA

الدور الفريد من نوعه لعلي الأصغر (ع) في ملحمة كربلاء

11:12 - September 21, 2022
رمز الخبر: 3487771
كان هدف العدو من الحرب هو القضاء على الإمام الحسين(عليه السلام) وأبنائه وأبناء الإمام الحسن(عليه السلام)، وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام الى ذلك ليلة العاشر من محرم.

الدور الفريد من نوعه لعلي الأصغر (ع) في ملحمة كربلاءومن المعروف في علم الآثار، للحصول على نتيجة الأبحاث لا يحتاجون إلى الصورة الكاملة لألوحة المُنَقًب عنها، وليس من الضروري الحصول على كل أعضاء الهيكل العظمي للتوصل الى الاجابة الصحيحة، لأنهم اذا عثروا على بعض الأعضاء من الهيكل العظمي سوف يتمكنون من إعادة بناء الهيكل العظمي بصورة كاملة وبدقة تامة من خلال تجميع هذه الأعضاء والقطع مرة أخرى.

في ملحمة كربلاء  أيضاً يمكن تطبيق هذه المنهجية لفك رموز  العديد من الحقائق الخفية في نسيج هذه اللوحة المُبهرة والشائكة و المتعددة الأبعاد.

عندما طلب الإمام زين العابدين (ع)  من يزيد أن يسمح له بالصعود على تلك العصي أي المنبر لألقاء كلمته، لقد وصفه الرواة بالغلام. حيث كتبوا: "وقف غلامٌ وطلب الإذن بالتحدث".

إذا كان  الرواة  الى تلك اللحظة الحاسمة على يقين بوجود الأمام السجاد عليه السلام، لكانوا  ذكروا اسمه بوضوح بدلاً من اعتباره عبداً مجهولًا لم يعرفوه من قبل و سوف يتعرفون عليه  بعد تقديمه.

عندما أفصح الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن هويته وقال بأنه  علي بن الحسين، لقد فاجأ يزيد بالخبر الذي دفعه ان يطرح سؤاله التاريخي عندما قال: ألم يُقتل علي بن الحسين في كربلاء؟

هذه الجملة ان دلت على شئ فهي تدل على تنفیذ مخطط شيطاني مُسبَق للقضاء على الامام عليه السلام، ومن خلال هذا السؤال نستنتج بأنجاز هذه الخطة للقضاء عليه بعدما  قاموا بكل الاستعدادات اللازمة لتنفيذ هذه الفكرة الشريرة.

و أيضاً نستطيع ان نفهم سبب محاولاتهم لقطع نسل الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم.

 هذا المقال يكشف عن سر دهشة يزيد عند طرحه هذا  السؤال بعد مواجهته للامام علي بن الحسين زين العابدين (ع).

لم يكن من المفترض أن يصبح يزيد خليفة،  و وفقاً لاتفاقية السلام للامام الحسن مجتبي (ع) كان من المفترض أن يتولى الإمام الحسين (ع) الحكومة.

ومعاوية لم يلتزم بأي بند من بنود اتفاق السلام. ناهيك عن أهمها وهو تسليم الخلافة للإمام الحسين (عليه السلام).

بل على العكس اشتد حقده على علي (عليه السلام) من جهة و من جهة أخرى مهَّد الطريق لخلافة  ابنه يزيد الفاسق الذي أشتهر بأدمانه لشرب الخمر وبالمجنون والعلاقات غير المشروعة مع النساء ولعبه مع القردة.

فكان العائق الأكبر لحكمه هو وجود الإمام الحسين (عليه السلام)، لذا لابدّ من إبعاده عن طريقه وازاحة أولاده و أولاد أخيه الإمام الحسن مجتبي (ع) حتى لا يبقى أحد من نسل هذين الإمامين، و بذلك سوف لن يبقى أحد يستلم مقام الامامة،و بالتالي وبصورة تلقائية يتثبت الحكم  للسلالة الأموية  ولايبقى  في المستقبل منافس لهم ليهدد حكمهم.

لذا تم تشكيل مركز الفكر اليهودي(صهربج الفكر اليهودي) في منزل أخوال يزيد، أي إخوة أمه ميسون بنت بجدل الكلبي  وهذا يعني أن أم يزيد كانت يهودية.

عدة أشهر قبل  موت معاوية، وضعوا خُطة للقضاء على الإمام الحسين(عليه السلام) في مركز الفكر اليهودي، وعلى أثر ذلك أُتُخِذت الأجراءات العملية لتنفيذ هذه الخطة والتي وضعت فيما بعد بين يدي معاوية ويزيد لتطبيقها ميدانياً.

وفي بداية هذه الخطة حاولوا الأستقصاء ميدانياً عن عدد أبناء هذين الامامين، بعد ذلك صمموا اتخاذ عدة خطوات عملية لتنفيذ خطتهم المشؤومة، اما للمرحلة التالية تم وضع عدة خطط عملية للقضاء عليهم.

والخطة  الأولى كانت حول أخذ البيعة من الحسين(عليه السلام)، في هذه الحالة يزيد سيصل الى هدفه دون أي عناء  ويتم ما يصبو  اليه، وفي حال عدم نجاح الخطة الأولى يتم تنفيذ الخطة الثانية، فهذه الخطة  تُنَفَذ بدون اعطاء أي مهلة اذا رفض الحسين(عليه السلام) البيعة، حينئذٍ يتم قتله وارسال رأسه الى يزيد.

لكن كما تقول الاية الشريفة "يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين" حيث لم يتم حذف الحسين وأبناءه وأبناء الحسن (عليهم السلام) وفق  مخطط العدو، بل الإمام الحسين(عليه السلام) وأخته زينب عليها السلام وابنه الامام زين العابدين عليه السلام، سيطروا على مجرى الامور وبادروا الى ادارة الأحداث بجدارة و مهارة فائقة الوصف حتى نالوا رضوان الله، فضجت السماء بقول الباري عز وجل(تبارك الله).

في مرحلة البحث الميداني التي جرت في المدينة المنورة، تم تحديد العدد الدقيق لجميع أبناء الإمامين. لقد تبين من خلال التحقيق الميداني أن للإمام الحسن (عليه السلام) أربعة أبناء هم عبد الله وقاسم وأبو بكر وحسن المثنى. وللإمام الحسين (ع) ولدان هما علي الأكبر وعلي الأصغر.

شاء الله أن يتم إجراء هذا البحث الميداني قبل ولادة علي الأصغر (عليه السلام) بوقت قصير.

لقد تلاعب بني أمية بالرأي العام آنذاك وتسمًّمت الأفكار ضد أهل البيت(عليهم السلام) بحيث  لم يجرأ أحد أن يختار لطفله إسم علي، ومن جهة أخرى كان معاوية يعد كل من كان اسمه علي بهدية اذا غير  أسمه، أما الامام الحسين عليه السلام  أقل ما استطاع  فعله هو تسمية ولديه علي. وللتمييز بينهما سمى أحدهما  علي الأكبر وسمى الإمام زين العابدين (ع) علي الأصغر.

وبناءً على ذلك، المعلومات التي وصلت للعدو نصت على وجود ولدين للامام الحسين عليه السلام، وبعد فترة زمنية، رُزِق الحسين عليه السلام بطفل ثالث اسماه علي الأصغر، وتغير  اسم الإمام زين العابدين الى علي الأوسط وبقي هذا الأمر مخفياً عن العدو.

بعد موت معاوية، حان الوقت لتطبيق المخطط المشؤوم الذي صنعته الأيادي اليهودية الماكرة، وقد تلقى محافظ المدينة المنورة أمراً بضرورة احضار الحسين فور وصول الخطاب ومطالبته بالمبايعة ليزيد، فاذا تخلف عن تنفيذ الأمر لابد من قتله وارسال  رأسه إليه.كان من المقرر ازالة العائق الأكبر بأسرع وقت ممكن ثم  لاحقًا، اغتنام الفرص المناسبة لقتل ابناء الحسن والحسين عليهما السلام، واحد تلو الاخر حتى يستشهد كل ابناء الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وبذلك ينقطع نسله.

وما ان  علم الامام الحسين عليه السلام باستدعائه من قِبَل الخليفة حتى  أدرك  حقيقة الأمر وقال: أظن أن طاغوتهم، معاوية قد مات، فأصطحب معه بعض الشخصيات من بني هاشم  إلى دار الخلافة وطلب منهم ان يبادروا الى تتفيذ تعليماته فور استدعائهم، عندما حضر الحسين عليه السلام في دار الخلافة طالبوه بقبول المبايعة، فأستمهلهم الى حين اعلان المبايعة أمام الجميع بحجة وجوب البيعة في حضور  الكل، وهكذا استغل هذه المهلة الزمنية ليرحل مع الأهل والأولاد من المدينة المنورة الى مكة المكرمة.

في اليوم التالي، عندما أخبروا  الخليفة بأنهم لم يجدوا أحداً في بيت الحسين عليه السلام حيث كان  فارغًا من أهله\، كان قد فات الأوان ولم يكونوا قادرين على أتخاذ أي خطوة لمنعه من ترك المدينة ، في ذات الوقت انتاب الخليفة الشعور بالسعادة لانه لم يعد مضطراً لقتل الإمام الحسين عليه السلام، ولذا لم يولي ملاحقة الامام عليه السلام أي أهمية.

وفي يوم عاشوراء، تم تشكيل فرقة خاصة متكونة من عمر بن سعد وسنان ومرة ​​ابن منقذ وحرملة وخولي ويرأسهم شمر ابن ذي الجوشن، كل ٌ من هؤلاء النخب أُعطيَ الصلاحية التامة لأنتخاب  محاربين من ذوي الخبرة القتالية  العالية  للقيام  بمهمات خاصة.

وبعدما  تلقى هؤلاء المحاربون تدريباً كاملاً أطلعوهم على الشخصيات المطلوب قتلهم و قد أشاروا عليهم من بعيد، وعينوا لكل شاب من بني هاشم جندي قنَّاص مهمته فقط ان  يقتله، ففي ساحة المعركة على كل قناص أن يهتم بقتل شخص معين فقط ولا يولي أي أحد آخر اي اهمية.

وفي لائحة قتلة بقیة شهداء كربلاء لا نجد اسماء قتلة أبطال اهل البيت(عليهم السلام) ما عدا شمر الذي كان قائداً وهذا خير دليل  على أن كان لكلٍ منهم مهمة خاصة، فهؤلاء القتلة لم يقتحموا ساحة المعركة  الا بعد دخول رجال أهل البيت(عليهم السلام) ساحة الحرب، نستنتج من ذلك بأنهم لم يشتركوا في قتال مع أصحاب الحسين عليه السلام،حيث أدَّخروا كل قواهم وفنونهم القتالية للقضاء على ابطال اهل البيت عليهم السلام.

وكان هدف  العدو من الحرب هو القضاء على الإمام الحسين عليه السلام وأبنائه وأبناء الإمام الحسن عليه السلام، وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام الى ذلك  ليلة العاشر من محرم حيث قال:  "ان هؤلاء لم يأتوا الا لملاحقتي، فاذا تمكنوا من القبض علي سوف ينصرفون عن ملاحقة وقتال الاخرين".

ولكن أصحاب الحسين عليه السلام دخلوا ساحة المعركة  ولم يسمحوا لأحدٍ ان يمس ال النبي(صلى الله عليه واله وسلم)، بسوء حينما كانوا على قيد الحياة.

بعد استشهاد كل أصحاب الحسين عليه السلام، حان وقت الهجوم على أبطال بني هاشم، وبدأ جنود القنص بالابادة الجماعية لآل الرسول(صلى الله عليه و اله وسلم)، لقد استسلم الحسين عليه السلام لطلب ابنه علي الأكبر لمواجهة العدو وسمح له بدخول ساحة المعركة.

مع استشهاد علي الأكبر ، تم  حذف اسم  ابنه الأول من قائمة عريف جيش العدو، و حسب المخطط المشؤوم يجب شطب اسم الأبن الثاني للحسين عليه السلام بعد قتله.

بعد استشهاد ابناء الامام الحسن(عليه السلام) الواحد تلو الاخر بما فيهم حسن المثنى تم حذف أسمائهم من قائمة العدو.

في اللحظات الأخيرة قبل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وفي قائمة عريف جيش العدو لم يبق سوى اسمين الحسين عليه السلام وابنه علي الاصغر  (اسم على مسمى لانه كان أصغر ابناء الامام من جهة وفي ذات الوقت كان رضيعاً)، وهذا هو السبب الذي دعا العدو ليقرر القضاء على الطفل الرضيع ظناً منه انه الثاني والاخير من ابناء الحسين عليه السلام و بقتله  يقضون على ابناء الحسين(ع)، كان العريف سعيداً  لاستكمال قائمة الضحايا، هنا ساله حرملة أيهما أضرب أولاً  الاب؟ ام الابن؟

و توجهت السهام صوب الرضيع فسقط جثة هامدة متخضبا بالدماء بين يدي الحسين عليه السلام ،هكذا ظن العدو بانه قضى على ابناء الحسين(ع) وحذف اسم علي الأصغر، ولم يبقى سوى اسم الحسين عليه السلام وباستشهاده  تنتهي مهمة الفرقة الخاصة و بذلك  قائد فيلق يزيد يعلن انتهائه من انجاز مهمته بقتل الحسين عليه السلام وابنائه مع ابناء الحسن عليه السلام فينطلق سعيداً لينال مكافاته بعد القضاء على نسل آل النبي صلى الله عليه واله وسلم.

وتفاجؤ يزيد برؤية علي زين العابدين عليه السلام  يعتبر حدثاً تاريخياً لأنه كان على يقين بالقضاء على ابناء الحسين عليه السلام لكن شاءت ارادة الله ان يصعقه بوجود الامام السجاد عليه السلام وفي حفل الاستقبال العظيم الذي أقامه على شرف ابادة نسل ال النبي صلى الله عليه واله وسلم، لقد ظن انه سمح لغلام يخدم اهل البيت يريد ان يعتلي المنبر فوافق على سماع حديثه، ولكنه صُعِق بفصاحة علي ابن الحسين عليه السلام،وهذه اللحظة تعتبر منعطفاً مهماً في ناريخ الملحمة العاشورائية، فالامامة لم تندثر بل استمرت مع بداية امامة السجاد عليه السلام.

عندما تصدر الموافقة لهذا العبد لاعتلاء المنبر يغتنمها فرصة لتقديم نفسه، وحينما يفصح عن اسمه ونسبه هنا يتفاجئ يزيد بأن الشاب الذي كان يحسبه غلام هو ابن الحسين عليه السلام ،لقد عرف نفسه ونسبه بصوت جهوري وبكلام بليغ  وفصيح أخترق قلوب السامعين، هنا  يدرك يزيد وأعضاء مركز أبحاثه اليهودي أنهم وقعوا في فخ الله وأصبحوا طعماً لمكر الله، يزيد يسأل بذهول: ألم يُقتل كل أبناء الحسين في كربلاء؟

و المقصود: ألم يكن من المفترض أن لم يبقَ له ابن؟ لكن قد حُسمَ الأمر وكل الجهود ذهبت هباءً ، فالإمام السجاد عليه السلام وزينب  الكبري عليها السلام هدموا المعبد على راسه عندما صرعوه بالحقيقة وافصحوا عن  أنفسهم، فانقلب السحر على الساحر  وحتى عائلة يزيد، وزوجته وابنه انقلبوا ضده وحدث ما لم يكن بالحسبان، وأصبح الأمر واقعاً لا مفرَ منه، ووقع يزيد في شر اعماله،فالبئر الذي حفره للامام الحسين واهل بيته وقع فيه ووقع في فخ مكره، عندما أنعم الله على الحسين عليه السلام بعلي الأصغر(ع)  مهَّدَ السبيل لحفظ ابنه علي الاوسط ليستلم خط الامامة من بعده مع ولادة الرضيع انتقل لقب الأصغر للطفل المولود واصبح زين العابدين علي الاوسط وهكذا حفظه الله من كيد الأعداء ليستكمل مسار الامامة من بعد الحسين عليه السلام، من هنا نستطيع ان نفهم أهمية استشهاد الرضيع في واقعة الطف، فعلي الأصغر طفل في جسده عظيم في دوره في واقعة كربلاء، اذاً هذا الطفل لعب دوراً فريداً من نوعه، فاستشهاد علي الأصغر كان حماية لخط الامامة واستمراره وصيانة لأمتداد ال النبي صلى الله عليه و اله وسلم.

اذاً  الرضيع الذي حمل اسم علي الأصغر لعب دوراً حياتياً، واستشهاده في كربلاء كان انجازاً عظيماً في حفظ تسلسل الأئمة، فبدمه قضى على المخطط المشؤوم ليزيد وأعوانه في مركز الفكر اليهودي، ومهَّد السبيل لاستمرار الامامة بدفع الخطر عن أخيه زين العابدين عليه السلام بعدما أفشل كل مؤامرات يزيد وحلفائه من اليهود، وهذه الواقعة من أحدى مصاديق الاية الكريمة: "يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين".

من ناحية أخرى، من بين أبناء الإمام الحسن المجتبي (عليه السلام) حسن المثنی الذي سقط على أرض المعركة بعدما أُصيب  بجروح كثيرة كان على قيد الحياة، لقد فرح العدو بسقوطه ظناً منه بأنه قد قُتِل، لكنه استعاد وعيه بعد رحيل جيش العدو، وعندما جاء بنو أسد لدفن شهداء كربلاء وجدوه حياً وحينما تعرفوا عليه اصطحبوه معهم وأخفوه عن عين الأعداء وتولوا تربيته سراً حتى لا تنقطع سلالة الإمام حسن المجتبى عليه السلام، واليوم كل السادة الطباطبائية هم من صلب هذا الأبن الجريح الذي نجا من الموت في كربلاء، و يُقال ان حسن المثنى  هو الذي روى أكثر  أحداث كربلاء.

بقلم الباحث الديني "سيد عبدالله الحسيني"

captcha