ایکنا

IQNA

نهضة الحسين (ع)؛ مواقف وقِيَم / 2

الإمام الحسین(ع) هو الهُدى في مواجهة الضلال

22:30 - July 21, 2023
رمز الخبر: 3492009
بیروت ـ إکنا: إن الامام الحسين(ع) هو الحق في مواجهة الباطل، وهو العدل في مواجهة الظلم، وهو الخير في مواجهة الشَّرِّ، وهو الهُدى في مواجهة الضلال، وهو الإيمان في مواجهة الكفر والجحود.

"اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الأَرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ الله أَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَلى أَوْلادِ الْحُسَيْنِ، وَعَلى أَصْحابِ الْحُسَيْنِ.
 
ما هو الحسين (ع) سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا ونحن نُحيي ذكرى عاشوراء الأليمة والمجيدة في آن، فمعظمنا قد يجهل ما هو، وإن عرف مَنْ هو. والسؤال عن ماهية الحسين(ع) أولى من السؤال عن هويته الشريفة، فهويته الشخصية معروفة للقاصي والداني من الناس، للعارف به وللجاهل، للمُحِبِّ له وللمُبغِضِ، إن كان له مُبغض في عصرنا والعصور القادمة.

الحسين(ع) هو دين الله، وشريعة الله، ورحمة الله، ولطف الله، وعدل الله، وعبد الله، أليس قد تجلى دين الله وشريعته ورحمته ولطفه وعدله فيه؟ من يحسب الحسين(ع) شخصاً وحسب فمعرفته محدودة قاصرة عن فَهم ما هو الحسين (ع) وعن إدراك كُنهه.

الحسين(ع) أسمى من ذلك بكثير، الحسين، نهج، ودور، ومشروع إلهي عظيم، الحسين هو الحق في مواجهة الباطل، وهو العدل في مواجهة الظلم، وهو الخير في مواجهة الشَّرِّ، وهو الهُدى في مواجهة الضلال، وهو الإيمان في مواجهة الكفر والجحود.

ولا أقول ما أقول من هَوىً شخصي، ولا من غُلُوٍّ أنا أُنكِره، بل أقول ما أقول، ولَدَيَّ براهين قرآنية وروائية على أقول، ومن يراجع ما نزل في الحسين(ع) من آي القرآن الكريم، وما صرَّح به رسول الله (ص) في مواضع مختلفة وبصيغ عديدة يخرج بنتيجة قاطعة بما قُلتُ.

ويكفي أن يكون الحسين(ع) من رسول الله ورسول الله(ص) من الحسين كما صرَّح النبي الأكرم (ص)، لنعرف أن الحسين نهضة، وتغيير، وإصلاح، ومعروف في مقابل المُنكر، ورحمة ربانية مهداة.

إن إحياء عاشوراء لن يؤتي أُكُلَه إلا إذا عرفنا ما هو الحسين (ع)، ولذلك أُمِرنا بأن نحيي عاشوراء عاماً بعد عام، لتبقى شُعلة الحسين متقدة، وليبقى نهج الحسين حاضراً في الناس، وليبقى مصباح الحسين(ع) مضيئاً ينير دروب المعذَّبين والمظلومين والمستضعفين، ولتضل روح الحسين(ع) ومعناه يُحييان أهل الأرض الذين ينوؤون تحت وطأة الفساد والظلم والاستكبار، والاستغلال والاحتلال، والانحراف والضلال، والفجور والسفور، والأنانية والفردانية، والشذوذ عن فطرة الله التي فطر الناس عليها. 
 
إن الحسين(ع) صرَّح قائلا: "إنّي لم أَخرجْ أَشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنّما خَرجْتُ لِطَلَبِ الإصلاحِ في أُمّةِ جدّي وأبي، أريدُ أن آمرَ بالمعروفِ، وأنهى عن المُنكَرِ، وأَسيرَ بسيرةِ جدّي وأبي علي بنِ أبي طالبٍ عليه السّلام". 

وصرَّحَ قائلاً: "وإنَّ الدُّنيا قَد تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت، وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت، حَتّى لَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابَةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ، وإلّا خَسيسُ عَيشٍ كَالكَلَأِ الوَبيلِ. ألا تَرَونَ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ، وَالباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللّهِ، فَإِنّي لا أرى المَوتَ إلّا سعادَةً، وَالحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً".

وصرَّح قائلاً: "أيُّهَا النّاسُ! إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وآله قالَ: (مَن رَأى سُلطاناً جائِراً، مُستَحِلّاً لِحُرَم اللّهِ، ناكِثاً لِعَهدِ اللّهِ، مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللّهِ، يَعمَلُ في عِبادِ اللّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ، فَلَم يُغَيِّر عَلَيهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ، كانَ حَقّا عَلَى اللّهِ أن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ). ألا وإنَّ هؤُلاءِ قَد لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ، وأظهَرُوا الفَسادَ، وعَطَّلُوا الحُدودَ، وَاستَأثَروا بِالفَيءِ، وأحَلّوا حَرامَ اللّهِ، وحَرَّموا حَلالَهُ، وأنا أحَقُّ مَنْ غَيَّرَ".

*هذا هو الحسين*، وهذه أهدافه، ولهذا قدَّم نفسه قُرباناً على مذبح الإصلاح، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحُسَين نَهجٌ، ودين، وقِيَم، ومُثُلٌ عُليا، والحسين أخلاق، والتزام وتزكية نفوس، والحسين قيام ونهوض وثورة إصلاح ومواجهة فساد، والحسين عبادة وتقوى وأداء للتكليف الإلهي مهما بلغت الكلفة، والحُسين شعور بالمسؤولية وقيام بها تجاه الدين والإنسان، والحسين رأفة ورحمة وعطف وحنان، ومن لم يعرف الحسين كما هو فلن ينهل من معينه إلا القليل. 
 
بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية "السيد بلال وهبي"
captcha